تحميل كتاب قوة الاقتصاد pdf

0

 

تحول علماء الاقتصاد من التنظير إلى التفعيل:

حين كتب الاقتصاديُّ البريطانيُّ جون مينارد كينز مقاله المتفائل "الإمكانات الاقتصادية لأحفادنا"، عام 1930، في بداية فترة الكساد العظيم، كان يتمنى لو نزل علماء الاقتصاد من أبراجهم العاجية وأصبحوا أشخاصًا نافعين وأكفَاءً على قَدم المساواة مع أطباء الأسنان.

لقد أصبح العديد من الاقتصاديين ممارسين نافعين بالفعل، ولكن كينز لم يدرك مدى ما سيصل إليه رواد الاقتصاد الجدد من تأثيرٍ ونفوذ؛ فلم تكن لديه أدنى فكرة، على سبيل المثال، عن أن الاقتصاديين، بعد انقضاء زمانه، سيُخبرون المستثمرين بأن يعملوا على تقليل مخاطرتهم وتعظيم عائداتهم عن طريق تنويع استثماراتهم في مجموعةٍ متنوعةٍ من صناديقِ مؤشراتِ الأسهم، أو أن المسئولين الحكوميين يستطيعون توفير الملايين بتغيير طريقة بيع الديون في المزايدات، أو أن التعصُّب الدينيَّ والصراعَ يمكن الحد منهما من خلال المنافسة الحرة بين عددٍ كبيرٍ من المعتقدات المتصارعة، أو أن المشرِّعين يستطيعون الحدَّ من الجريمة عن طريقِ تفويضِ سلطةِ إصدارِ تراخيصِ حملِ السلاح، أو أن بإمكانهم تطهيرَ البيئة من خلال طرح تراخيص التلوث في المزاد العلني، أو أن مؤلِّفي الروايات البوليسية يمكنهم حلُّ ألغاز جرائمهم باستخدام مبادئَ اقتصاديةٍ أولية.

هل علم الاقتصاد علم كئيب؟

خلال القرن العشرين شاع وَصْفُ عِلم الاقتصاد ب "العلم الكئيب"، وهو مصطلح ساخر صاغه الناقد الإنجليزي توماس كارلايل في خمسينيات القرن التاسع عشر. كان كارلايل يهاجم بعنفٍ علماءَ الاقتصاد التقليديين الذين تنبَّئُوا بالفقر والأزمات وقانون الأجور الحديدي.

وكذلك بعد مرور قرنٍ كامل، في سبعينيات القرن العشرين، حين عانت الاقتصادات العالمية من موجةٍ مزدوجةٍ من ارتفاع التضخُّم وارتفاع معدل البطالة، تعرَّض علماء الاقتصاد للنقد لما يملكونه من سجلٍّ بشعٍ في التنبؤ بمعدلات الفائدة، أو التضخُّم، أو موجة الركود التالية.

وعند حصول فردريك هايك على جائزة نوبل في الاقتصاد في عام 1974، أظهر لنا المزاجَ الكئيبَ لدى أغلب الاقتصاديين حين اعترف قائلًا:

"في الواقع ليس لدينا في الوقت الحالي ما يدعو إلى الفخر، فنحن كأبناءِ مهنةٍ أفسدنا الأمور كثيرا".

يؤكد الأستاذ بجامعة برينستون، بول كروجمان، أن الاقتصاديين لا يعرفون كيف يحولون دولة فقيرة إلى دولةٍ غنية، أو يعيدون سحر النمو الاقتصادي حين يبدو أنه قد ذهب بلا عودة … لا أحد يعرف حقٍّا لماذا استطاع الاقتصاد الأمريكي أن يحقق 3 بالمائة نموٍّا سنويٍّا في الإنتاجية قبل عام 1973 و1 بالمائة فقط بعد ذلك.

لا أحد يعرف حقٍّا لماذا انطلقت اليابان من الهزيمة لتصبح قوةً اقتصاديةً عالميةً بعد الحرب العالمية الثانية، بينما انزلقت بريطانيا ببطءٍ لتصبح اقتصادًا من الدرجة الثالثة؟

علاقة الاقتصاد بالقانون ومختلف مجالات الحياة:

في عام 1972، قام ريتشارد إيه بوسنر، وهو عالِم اقتصادٍ يقوم بالتدريس بكلية الحقوق بجامعة شيكاجو، ويعمل قاضيًا بالدائرة السابعة لدعاوى الاستئناف بالقضاء الأمريكي

"التحليل الاقتصادي للقانون"، الذي جمع فيه أفكار رونالد كوس، وجاري بيكر، وإف إيه هايك، وغيرهم من الاقتصاديين العظام بجامعة شيكاجو ومراكز"القانون والاقتصاد"، ليؤكد على أن كل مجالٍ للقانون، وكل مؤسسة، وكل ممارسةٍ أو تقليدٍ للمحامين والقضاة والمُشرِّعين، في الماضي أو الحاضر، حتى في الزمن البعيد، له حاجة للمحلل الاقتصادي.

يُطبِّق الاقتصاديون مبادئَ تحليل التكلفة -الفائدة والرعاية الاجتماعية ـ على شتى أنواع القضايا والمسائل القانونية؛ محاربة الاحتكار، والعمل، والتمييز، والبيئة، واللوائح التجارية، والعقوبات، والجوائز.

كما يناقش الاقتصاديون العلاقة بين الجريمة والعقاب، ومدى فاعلية عقوبة الإعدام، وهل كانت قوانين تراخيص حمل السلاح وملكية السلاح تردع الجريمة. وكثيرًا ما يُستدعى الاقتصاديون للشهادة في الدعاوى القضائية؛ وهو ما يُعَدُّ مصدرًا جديدًا مُجزيًا للدخل.

كان جاري بيكر بجامعة شيكاجو في طليعة من قاموا بتطبيق نظرية الأسعارعلى المشكلات الاجتماعية المعاصرة، مثل: التعليم، والزواج والطلاق، والتمييز العنصري، والعمل الخيري، وإدمان المخدرات.

تحميل كتاب قوة الاقتصاد pdf