إن اقتصاد القرن التاسع في المجتمع الغربي كـان اقتـصادا طبيعيـا، يتـصل أساسـا بالأرض، بينما تدهورت المدينة باقتصادها النقدي، وتوقفت عن أن تصبح مراكز تجاريـة كمـا
كانت من قبل، وقل عدد سكانها، واختفى التجار الذين كانوا ذات يوم يترددون عليها أو يقيمـون
فيها، كما اختفى مع المدن الطابع المدني الذي كانـت لا تـزال تحـتفظ بـه خـلال العـصر
الميروفنجي Almirovnge. وحول المدن المتدهورة ظلت الأراضـي الزراعيـة والأطيـان الشاسعة تحيا حياتها الخاصة.
لذلك فإن المتحدث في اقتصاد العصور الوسطى قد تناول ذلك الموضـوع مـن ناحيـة الإقطاع. ونحن بصدد تلك الدراسـة تناولنـا موضـوع الاقتـصاد بالحـديث عـن الإقطـاع (Feudalism).
في أي تاريخ مفصل للحضارة، لا بد أن يعطي الإقطاع مـساحة كافيـة مـن الـشرح والتوضيح؛ لأنه كان الحيز الأكبر الشامل للحياة السياسية فـي العـصور الوسـطى، حيـث إن الإقطاع كان مصدر المبادئ التشريعية وصائغ الأفكار الاجتماعيـة التـي كانـت سـمة تلـك العصور.
وكانت الصعوبة في إيجاد تعريف واضح لكلمة الإقطاع تكمن في اختيار علماء التـاريخ لمصطلحات ارتبطت بالإقطاع مثل : النبالة والسيادة، لكن المتأمل في الحياة الإقطاعية يجـد أن
مصطلح الإقطاع ضم في طياته جميع الطبقات الاجتماعية من رجال ونساء وخدم وعبيد وسادة.
ولم يرتكز الإقطاع على الوضع الاجتماعي والاقتصادي فقط لتلك الطبقات، بل كان يجنح إلـى
التدخل في تشكيل الحياة السياسية والأخلاقية وحتى الالتزامات الدينيـة التـي كانـت تمارسـها الشعوب العامة تحت ظل الإقطاع.
سجل بريدك في القائمة ليصلك الجديد
هل تستطيع القيام بجولة في موقعنا قبل المغادرة؟ قد تجد شيئا يهمك، جرب.