تحميل النظرية السكانية وانعكاساتها على الاقتصاد pdf

0



النمو السكاني بين مالتوس والشعوبيين:

يرى توماس مالتوس ومن سار على منواله بأن النمو السكاني، والتزايد في أعداد البشر، سيفضي لا محالة إلى كارثة لم تشهدها البشرية من قبل مثيلا، وفي مقابل هذا الرأي يقف الشعوبيون مدافعين عن النمو المتزايد للسكان، انطلاقا من نظرتهم التفاؤلية، وإيمانهم بقدرة الإنسان على التأقلم مع ظاهرة النمو السكاني المتزايد، وأن عدد السكان الكبير عامل مهم من عوامل قوة الدول وازدهارها اقتصاديا.
إلا أن المجاعات والتقلبات المناخية والمشاكل الاقتصادية، التي يجابهها العالم اليوم، تعيد قلق مالتوس من النمو السكاني إلى الواجهة، واكتسبت دعما متزايدا، كما أن نظريتها المتشائمة أصبحت محط اهتمام كثير من الدارسين والباحثين، فأي الرأيين أصوب؟ وهل يؤثر النمو السكاني على الاقتصادي إيجابا أم سلبا؟

نظرة مالتوس التشاؤمية نحو النمو السكاني:

تجدر الإشارة أولا إلى أن مالتوس نشر كتابه "أصل المشكلة السكانية" من دون ذكر اسمه، لكونه قد أورد في هذا الكتاب آراء تخالف وظيفته بصفة قسًّا ومدرسا في جامعة دينية؛ حيث ذكر بعض الآراء المتطرفة، إذ يرى بأن تناقص الغلة في مقابل تزايد النمو السكاني سيؤدي إلى مشكلات إنسانية خطيرة، وعليه، فإنه يرى ضرورة نشوب الحروب، وحدوث المجاعات، ويدعو إلى عدم مساعدة الفقراء، لكونهم عالة على المجتمع.
ولقد لقيت هذه الآراء المتشائمة والمتطرفة من مالتوس، نقدا شديدا في البداية، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، فإن الفضل في ظهور الإحصاء الدوري للسكان في مختلف دول العالم، يعود إلى آراء مالتوس حول مخاطر النمو السكاني على موارد الدول.

الآراء المعارضة لتوجه مالتوس:

لقد وقف أصحاب التوجه الشعوبي والنيوكلاسيكيون، موقف المعرض لتوجهات مالتوس وآرائه بخصوص النمو السكاني المتزايد، ونظروا إلى الموضوع من زاوية إيجابية، تعتبر النمو السكاني عاملا مهما في الازدهار الاقتصادي وقوة الدول وتطورها، ومن هنا ابتكر جون بودان عبارته الأثيرة: "لا ثروة ولا قوة من دون رجال".
ينطلق الشعوبيون والنيوكلاسيكيون، في توجههم الداعم للنمو السكاني المتزايد، من أصول الفكر المركنتيلي، معتقدين بأن النمو الكبير للسكان، عامل مسهم في زيادة الإنتاج والتصدير، ودخول المعادن الثمينة إلى البلاد المصدرة.

الإشكالية السكانية في فكر ابن خلدون:

لم تكن إشكالية النمو السكان غائبة عن العلماء العرب والمسلمين، ويعتبر العلامة ابن خلدون، من أبرز من ناقش هذه الظاهرة، وربطها بقوة الدولة ونموها الاقتصادي، وفي هذا الصدد ننقل لكم هذه الفقرة من مقدمة ابن خلدون، لما تتضمنه من إشارات حول علاقة النمو السكاني بالنمو الاقتصادي: 

"ولهذا تجد الصّنائع في الأمصار الصّغيرة ناقصة ولا يوجد منها إلّا البسيط فإذا تزايدت حضارتها ودعت أمور التّرف فيها إلى استعمال الصّنائع خرجت من القوّة إلى الفعل. وتنقسم الصّنائع أيضا إلى ما يختصّ بأمر المعاش ضروريّا كان أو غير ضروريّ وإلى ما يختصّ بالأفكار الّتي هي خاصيّة الإنسان من العلوم والصّنائع والسّياسة. ومن الأوّل الحياكة والجزارة والنّجارة والحدادة وأمثالها. ومن الثّاني الوراقة وهي معاناة الكتب بالانتساخ والتّجليد والغناء والشّعر وتعليم العلم وأمثال ذلك. ومن الثّالث الجنديّة وأمثالها".

يبين ابن خلدون في هذا النص أهمية كبر الدول وزيادة نسبة سكانها، لما لذلك من تأثير على تنوع الصنائع ووسائل الإنتاج فيها، وخلق فرص شغل مختلفة ومتنوعة.

وسنوفر لكم فيما يلي بحثا مطولا في هذا الموضوع، يعرض مقارنة بين آراء توماس مالتوس والشعوبيين، لتحميل الدراسة يمكنكم الضغط على الرابط التالي:

تحميل مقارنة النظريات السكانية pdf