تأثير إلغاء سعر الفائدة على المجتمع

0

وظيفة النقود في الاقتصاد الإسلامي:

النقود في اقتصادنا واسطة – قد رضي بها الجميع - لتبادل المنافع، ولا يقبل ديننا أن يكون النقد (المعين) واسطة للنقد (ذاته) مع وجود فرق، سواء كانت المبادلة حالة، أو مؤجلة؛ لأنه عندها يفقد صفة الوسيط الأمين، المعبر عن صحة وسلامة العملية التبادلية، لأنه ليس من المعقول ولا من المصدق حتى لو تقبلته عقول بعض الناس، أن النقد يكون وسيطا أمينا حالتئذ.، بل لقد صار غاية في ذاته مما أفقده شيئا من قيمته.
وبالتالي فقد الإنسان شيئا من قيمة عمله وجهده، مما يوغر صدره، ويهدر كرامته، لأن النقد أهم ما يعبر عن جهد الإنسان - في باب المعاملات - (وهو الوسيط بين جهد الإنسان وباقي المنافع) فحين يتم التغاضي عن شيء منه في عملية تبادلية (أي قبول مبدأ النقص أو الزيادة في أحد العوضين – حين يكونان من العملة ذاتها، أو حتى عندما يكونان من عملة أخرى شرط وجود الأجل -) فإننا نتغاضى عن شيء من جهد الإنسان ذاته، وهو ما يعني عدم الاكتراث للإنسان، وجعل النقد فوقه، وسيتحول الإنسان بعد ذلك من الإنسانية إلى اعتبار الإنسان شيئا من المادة ذاتها لا روح بل ولا عقل.
تلك هي وظيفة النقود في الاقتصاد الإسلامي  ولا يجوز إخراجها عن هاته الوظيفة وجعلها سببا وحيلة لابتزاز جهود الآخرين.

من حيل المستثمرين في التعامل مع سعر الفائدة:

لابد من ملاحظة أن بعض المستثمرين لا يحبذون النـزول إلى السوق بسعر عال منذ البداية – ذلك عندما توجد منافسة في المجال ذاته - فعندها سيكون سعر البيع مماثلا لما ينبغي أن يكون عليه الأمر وفي مثالنا 21،5 ريال، ولكنه سيضطر إلى رفع مستمر للسعر آخذا بالحسبان خدمات الدين للبضاعة التي لم يتم بيعها، ليصير عبئا تتحمله البضاعة الجديدة، وهو ما نراه في معظم الحالات اليوم، وهو ما يعتبر شيئا يسيرا ولكنه لا يلبث أن يتفاقم ويضر بالمجتمع وهو ما يعني وجود تضخم مستمر، قد لا تظهر آثاره قريبا، ولكن لدى وجود أقل طارئ يجد الناس أنفسهم أمام أموال عظيمة مهدرة، لأنه بحَسْب المستثمرين سداد خدمات ديونهم، أما الديون ذاتها فهم لا يقدرون على سدادها في غالب الحالات.

سعر الفائدة وتجربة النمور الآسيوية:

ولو أرادوا فلن يكون إلا على حساب إغلاق أبواب كثير من الشركات، ولهذا وقعت النمور الآسيوية في شر عظيم، عندما رغب بعض المقرضين  الحصول على أموالهم، وإلا فهم سيعلنون أن الاقتصاد هناك لا يوثق به، فقامت البنوك بطلب سداد الديون من المستثمرين، وهو ما لم يحدث، فرفعت قضايا حقوقية قضائية في هذا الخصوص، وتم بيع شركات كبيرة بأبخس الأثمان، بعد إعلان إفلاس كثير منها، وتم تسريح ألوف الناس من أعمالهم، لأن الآلية التي تعمل بها تلك الشركات لم تكن لتستطيع المنافسة لو وضعت في خطتها سداد الدين، فلم يكن عند معظمها سوى آليه لسداد خدمات الدين، فعندما اضطرت البنوك لسداد مبالغ كبيرة لبعض المستثمرين أغلقت أبوابها وسرحت موظفيها ومثلها كثير من الشركات.

البطالة من الأضرار المباشرة لعشر الفائدة:

لتظهر بسبب ذلك مأساة البطالة، وآثارها الاقتصادية والاجتماعية، مع ما تجلبه من ويلات وفساد، فكم من إنسان خسر عمله بسبب ما يسمى بسعر الفائدة، فهو كما ظهرت مسؤوليته عن التضخم – وهو ليس ينفي وجود عوامل أخرى إلا أنني أجادل في جعل هذا من أهم عوامل التضخم – تظهر الآن مسؤوليته  عن خسارة كثيرين لأعمالهم، بل عدم وجود أعمال أصلا – وكذلك هنا أقول: 
"ليس هذا  ينفي وجود عوامل أخرى إلا أنني أجادل في جعل سعر الفائدة من أهم عوامل البطالة، وهو ما يعني مزيدا من الفقر والجوع وبالتالي الجريمة والفساد".

هل يؤدي إلغاء سعر الفائدة إلى التضخم:

أهم ما يقوله بعض الاقتصاديين أن نقص سعر الفائدة فضلا عن إلغائه يؤثر لينقص من سعر العملة، مما سيؤدي إلى التضخم (غلاء السلع)، وذلك بسبب كثرة المعروض من النقد، ولا نجادل أن ذلك سيؤدي إلى تنشيط الاستثمار ويسهم في تقليل نسب البطالة، إلا أنه يزيد في رغبة السوق لرفع الأسعار.
وأقول: لا بأس؛ لأن الغلاء حين يكون معقولا، أقل سوءا من البطالة، على أن الحديث عن هذا الأمر كما لو كان مسلما به غير صحيح، لأننا نستطيع مواجهة الغلاء من خلال الجهات التي تحمي المستهلك وتعمل على استقرار الأسواق، والسلاح الأهم من خلال توعية الناس وتوجيههم للنفقة في أوجه البر، لا المبالغة في الرفاهية، والأخذ بالكماليات، وعلينا أن ندرك بأن حماية أمتنا في اقتصادها لا يكمن في إلغاء سعر الفائدة فقط - على أهميته – بل من خلال فهم شامل للإسلام ونظرته إلى الحياة، ونحو ذلك مما سبقت الإشارة إليه.
ولكن يمكننا التساؤل هنا: أليست هناك علاقة بين تضخم الأسعار والبطالة؟

الأبعاد النفسية لسعر الفائدة:

الجانب النفسي الذي يعكسه سعر الفائدة ويطبع به كثيرين من أبناء مجتمعنا، هو وجود تلك الشخصية التي تنعدم لديها روح المغامرة الشرعية، وهو الأمر الذي تبعث عليه الزكاة، لأن رأس المال سيقرر الدخول في مغامرة شرعية (استثمار)، لأنه إذا لم يفعل سيدفع 2,5% سنويا لصالح الفقراء، وسيجد نفسه أمام طريقين، إما الاستثمار – مع ما فيه من مخاطرة شرعية- أو تقبل نقص 2,5%، وهي نسبة الزكاة، وكثيرون سيقررون الدخول في الطريق الأول، لأن الإنسان يحب الزيادة بطبعه.

إلغاء سعر الفائدة وتنشيط الاستثمار:

الغريب هنا أننا سنرى صاحب المال في الطريق الأول (الاستثمار) يفيد المجتمع فوق تلك الفائدة التي تجلبها الزكاة حين يقرر سلوك الطريق الثاني، وهو سر بديع للتشريع الإلهي، إذ كانت طبيعة حب الزيادة (وسمها لو شئت طمعا) وهي في ذاتها سوء ومقت، إلا أنها هنا حملت المرء على طريق يظنه يحقق ما تمليه عليه تلك الطبيعة، إلا أنه سار عكسها تماما وهو لا يشعر، فأخذ منه المجتمع أكثر بكثير مما تأخذه الصدقة، لقد أخذت تلك الطبيعة 100%من رأس المال ليصبح كله في يد المجتمع، من خلال ذلك الاستثمار، فاتضح بذلك سر بديع للتشريع الإلهي، إنها طبيعة سيئة حركها الشرع ليرى الناس منها خيرا كثيرا من حيث لا تشعر.

استثمار الأموال لدى البنوك التي تحدد الربح مقدما:

نص السؤال: إن البنوك قد تخسر فكيف تحدد هذه البنوك للمستثمرين أموالهم عندما تكون الأرباح مقدما؟
والجواب‏:‏ إذا خسرت البنوك في صفقة ما فإنها تربح في صفقات أخرى‏، وبذلك تغطي الأرباح الخسائر‏، ومع ذلك فإنه في حالة حدوث خسارة فإن الأمر مرده إلى القضاء‏.‏
والخلاصة أن تحديد الربح مقدما للذين يستثمرون أموالهم عن طريق الوكالة الاستثمارية في البنوك أو غيرها حلال ولا شبهة في هذه المعاملة فهي من قبيل المصالح المرسلة وليست من العقائد أو العبادات التي لا يجوز التغيير أو التبديل فيها،‏ وبناء علي ما سبق فإن استثمار الأموال لدي البنوك التي تحدد الربح أو العائد مقدما، حلال شرعا ولا بأس به والله أعلم‏.

تأثير إلغاء سعر الفائدة على المجتمع

سجل بريدك في القائمة ليصلك الجديد
هل تستطيع القيام بجولة في موقعنا

هذا مقتطف من البحث فقط لتحميل البحث كاملا المرجو زيارة الصفحة التالية: